الخميس، 4 مارس 2010

أشباح الحافلات


تنورة ، حقيبة مدرسية ، كعب عالي، وتسريحة شعر مفضلة 

يوم مختلف أسارع خطواتي متأملة حضور إشراقاته المتعالية, الأفواه بثرثرات متداخلة


معبر طريق و سيارات متزاحمة ... ذاك يصرخ بي .. أبتعد .. لكنه مصر أن أعبر الشارع 

" يا لكم من سائقين غريبي الأطوار "

تمتمت بها لنفسي قبل أن أجتاز الطريق إلى الجانب الأخر

أتقدم بتوتر ساخطة وسط نقرات حذائي المشتتة و عبارات تتوارد بذهني من

المفترض أن تهدئني لكنها تزيد إشتعالي!

و سائق آخر يثير ارتيابي .. كان لقاؤنا الاول في هذا الأسبوع لم يكن هناك متسع لي 

بالحافلة فاكتفيت بالإنصراف و ما تزال صورته معلقة بذهني 

تتكرر يوميا فأجده يناديني و يعرض علي الركوب .. أفكر متعجبة : 

ما زال يتذكرني ! 

و مع كل تذكراته و تذكراتي في كل مرة أبتعد عنه كأنما رأيت شبحاً و أعتقد إما أنه 

يريد خطفي أو أني أصبت بمرض عقلي يدفعني لتخيل ذلك الرجل لمجرد الشعور 

بالألفة في ذلك المكان الذي إنتقلت له حديثا

 في ظل ابتعاد ذلك الغريب بعد يأسه من إقناعي و أنا أتحاشى النظر إليه تأتي تلك 

الحافلة الأخرى الفارغة إلى حد كبير يسمح لي بان أحجز مقعداً دون تزاحم 


و لحظات تمر وما زال التوتر مسيطراً علي .. في حين تدخل تلك الشابة التي توحي 

بأنها في أواخر العشرينات من عمرها مرتدية ثوبا أخضر اللون, عوينات نحيفة الإطار

وقفازان أسودان ملفتة إنتباهي من الوهلة الأولى .. 

" نازلة فين ؟! "

كان بداية حديثها معي فتوقعت أنه سؤال بديهي من أسئلة الحافلات المعتادة فجاوبت 

بتلقائية : 

" مدرسة ..........."

اعتقدت أن الحوار سينتهي لكنها شرعت مسترسلة فيه : 

" سنة خامسة ؟ "

" لأ .. ستة .. ستة سادس "

" ما شاء الله .. مين بيديكوا التحفيظ ؟ "

بعد قليل من التفكير في هذا السؤال المحير أجبت :

" الحقيقة مش فاكرة إسمها "

" أنا كنت بدي تالتة قبل كدة.. الناظرة بتاعتكوا ميس زينب مش كدة ؟ "

فأومأت بالإيجاب 

" على جنب لو سمحت ! "

كان ذلك الصوت الإعتراضي صادراً من إحدى الراكبات فأدركت أن مدرستي في

الجوار فعدلت من نفسي و هممت بالذهاب 

لتهمس لي بصوتها الرقيق :


مع السلامة 


أتنبه لها فأجدها تلوح لي, بادلتها التلويح حتى إختفت عن ناظري تستكمل طريقها الى

حيث لا أعرف


************

على الدرج أصعد درجاته وألمح ذات الوجه الملائكي التي كأنما بعثت لي لتكون مفتاح

إبتهاجي في هذا اليوم ذا البداية المشؤمة 

تجلس على كرسي في صمت و توجس, أسرع بالتلويح لها لكن يدي تتوقف في ثبات

محاولة مراجعة الأحداث


( قالت أنها كانت تعمل هنا ؟ .. كانت ! إذا ماذا تفعل هنا الآن .. و كيف وصلت إلى هنا ؟ الوقت قصير لتعود إلى المدرسة مرة أخرى 
 و لـــ.... )

توقفت هنا أناظر المرآة أبحث عن انعكاس لها 

يصيبني ذهول قبل أن أفر هاربة !

ليست هناك تعليقات: