الجمعة، 31 يوليو 2009

ليس هناك داع للفزع




عاصفة مزلزلة تكتسح كل شيء تحيله هباء
اشجار تقتلع و بنايات تتهدم .. قلوب تنخلع

عجوز بوجه مجعد وثوب ابيض فضفاض تركض حافية القدمين
بخطوات مرتجفة علي حبات الرمال تحتضن صندوقها الخشبي الذي يحمل ذكريات السنين
بين هبات الرياح طار وشاحها الاسود كاشفا عن خصلات شعرها البيضاء المبعثرة
سارعت بالتقاطه..فيما يتدحرج الصندوق ليصطدم باحد الاعمدة المتصدعة
تنظر لموضعه تختلجها رهبة من لحاقه

على مقربة فتاة تصرخ بين يدي حبيبها وهو في حيرة كيف يداويها
يرى علامات الالم تعتلي وجهها
جروح و حروق تكاد تفتك بجسدها
و هو لا يملك الا بعض الكلمات يواسيها بها
تصيبه الدهشه
اذ لم يعد يشعر بقدمه انها خدرت جراء امتناع الدم عنها
الان يتمتم سامحيني حبيبتي هذا من اجلك
يمسك بذراعها و يبدا بامتصاص دَمِها

وسط المقابر خرقاء تنبش فيها طمعا في عودة ما ولى
تصرخ تصفع وجهها تلعن حظها ترتطم بالارض
تبكي و تبكي من دون توقف

العجوز بدت مترددة في الاقتراب اكثر لكنها فعلت
راحت تقترب من الصندوق في توتر وخوف
الاعمدة المترنحة تربكها وتملؤها رعبا
جثت على ركبتيها و اخذت تلملم حاجياتها بعشوائية
من بين الركام لمحت قلادتها
العتيقة التي تحمل بين طياتها صورة ابنتها الوحيدة
وجدتها عالقة باحدى الاسياخ
تنفست بعمق و مضت اليها تجذبها
حركة واحدة خاطئة و تهوي الاعمدة ساحقةً عنقها
حركة واحدة خاطئة و تموت

ستموت نعم حبيبتي ستموت من شدة الوجع
لا اتحمل رؤيتها تتألم
ظلت هذه الكلمات تتردد بداخله محرضة اياه على مواصلة جنونه
مازال يمتص الدم المشبع بالالم ظاناً أنه يبث الخدار فيها
بدات علامات التوجع تهدأ على وجه محبوبته
ارتخى ذراعيها و سقط راسها بين احضانه
ينتفض من مكانه في فزع اذ بدا له ان قلبها يوشك على التوقف
ثم لم يعد يسمع دقاتة .. يزوغ بصره كالمعتوه
التقط قطعة من الزجاج الحاد و سارع يقطع اوردته واحداً تلو الآخر
يقرب يديه من شفتيها الباردتين و هو يفتحهما ببطئ
و راح ينثر قطرات دمه داخل فمها و هو يقول في يأس :
"ارجوك عودي ارجوك"
ثم اخذ يهزها بقوة " عودي عودي ستعودين لن اسمح لك بالذهاب "
ادرك ان مايفعله ليس له اية جدوى
الدماء تنسكب منه بشراهة
مع اخر دمعاته قال بصوت متحشرج : " سامحيني "
يفلت جثتها من بين يديه ليسقط هو الاخر الى جانبها

بينما الاعمدة تسقط لتهشم المسنة بقلادتها المحببة
ليس ذلك بالشيء الهام
فهي لم يعد لديها ما تخسره

مجنونة المقابر
تجلس القرفصاء بجانب شجرة سوداء مقيتة
تذرف دموعها مبللة الاتربة
في غفلة منها تنبت الارض الموتى
جثث معفنة تخرج من تحت التراب جالبة معها مخلوقات العالم السفلي
تذعر البلهاء مما تراه .. يصيبها الهلع
تتراجع للوراء محملقة في كتل العفن التي افرزتها تمنياتها
يجذبها خط من الدماء ليقودها الى قلبها الممرغ في التراب
تبتسم باستهزاء قائلة في ذهول:
ليس هناك داعٍ للفزع

هناك 4 تعليقات:

wanis يقول...

انا اول ما قريت القصة بتاعتك في جروب قصص رعب علي الفيس بوك قلت لازم ازور المدونة بتاعتك
اسلوب ناضج جدا سيزيد نضجا بالتأكيد مع نضجك انتي الشخصي ما زلت لا اصدق ان قصة بهذا الجمال تخرج من طفلة في العاشرة ليس طبعا استقلالا بكي فموهبتك تفرض علينا جميعا احترامها ولكنه فقط الذهول من وجود هذا الكم من النضج في التفكير والاسلوب في هذا السن الصغيرة
الي الامام ايتها الطفلة العزيزة وقريبا جدا باذن الله ستبهري مصر كلها بموهبتك الفذة التي ستفرض نفسها بلا شك
وربما اصبحتي اصغر اديبة ينشر ادبها في مصر وقريبا في العالم كله باذن الله

wanis يقول...

ولكني الي الان الحقيقة لا اعرف كيف تكتب طفلة في العاشرة هذا الكم من السوداوية فالحديث عن مص الدماء والمقابر لا يجب ان يخرج من ذهن طفلة بل يجب ان تتحدث عن الحياة الجميلة والازهار وعالم باربي

إيثار يقول...

على فكرة انا مش بنضج
ده كله
و طبعا مساعدة اخواتي خلتني اتقدم اكتر

بالنسبة للسوداوية
فاحنا لو بصينا منطق اخر
هنلاقي ان العجوزة
دورها بيمثل جزء كبير جدا من التضحية في القصة
و اعتقد ده هنحتاج ليه في الحياة الجميلة
و مصاص الدم كان كل امله ان حبيبته ترتاح
يعني هو مش نيته يضرها
بدليل انه حاول يمنع موتها حتى لو ده سبب موته
اما خرقاء المقابر
فده نموذج للي بعض الناس بتعمله
و اكيد يا اما هيموتوا من كتر القهر
يا اما هيتجننوا

و اخيرا
اسعدي تعليقك جدا

تحياتي

Tadwina يقول...

مرحباً / عاشقة الحب
لقد قام أحد المعجبين بمدونتك بإضافتها إلى تدوينة دوت كوم، بيت المدونات العربية.

قام فريق المحررين بمراجعة مدونتك و تصنيفها و تحرير بياناتها، حتى يتمكن زوار الموقع و محركات البحث من إيجادها و متابعتها.
يمكنك متابعة مدونتك على الرابط التالى:
http://www.tadwina.com/feed/1600

يمكنك متابعة باقى مدونات تدوينة دوت كوم على الرابط التالى:
http://www.tadwina.com

لعمل أى تغييرات فى بيانات مدونتك أو لإقتراح مدونات أخرى لا تتردد فى الإتصال بنا من خلال الموقع ونرجو منك مراسلتنا للأهمية على الايميل
Tadwina@gmail.com
لوضع البانر الخاص بنا على الصفحة الرئيسية لمدونتك حتي يستطيع قراءنا في مصر والوطن العربي من متابعة تدويناتك المستحدثة

و لكم جزيل الشكر،

فريق عمل تدوينة دوت كوم.
http://www.tadwina.com